المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد
كانت هذه العاصفة مفاجئة للجميع في شهر آذار، قبل بداية فصل الربيع فلكياً بأيام قليلة. كانت الأعمق في تاريخ شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تسببت في هطول ثلوج بلون أصفر. استمر تأثير المنخفض الجوي الذي سببته العاصفة لمدة تقارب الأسبوع على بلاد الشام ومصر والعراق وشمال السعودية.
في يوم السبت 14 آذار عام 1998، اندفعت كتلة هوائية قطبية شديدة البرودة نحو البحر الأبيض المتوسط، حيث اتحدت هذه الكتلة الباردة مع كتلة هوائية دافئة قادمة من القارة الأفريقية، مكونة منخفضًا جويًا عميقًا جداً فوق الأراضي الليبية، ووصلت قيمه إلى 990 هكتوباسكال في 15 آذار.
تحرك هذا المنخفض الغير اعتيادي يوم الاثنين 16 آذار وتمركز حول جزيرة قبرص وتعمق بشكل كبير، ليصبح المنخفض الأعمق في تاريخ المنطقة على الإطلاق بقيم وصلت الى 983 هكتوباسكال . ونتيجة لتعمق المنخفض الجوي الكبير وتحوله إلى عاصفة، زادت سرعة الرياح المصاحبة إلى أكثر من 120 كم/س، محملة معها اطناناً من الرمال من ليبيا ومصر، ورفعتها إلى طبقات الجو المختلفة.
وصلت درجات الحرارة الى نهاية العشرينيات نهار الاثنين في عمان والقدس ودمشق وبيروت، وتجاوزت الحرارة حاجز 33 درجة في القاهرة، حيث سادت أجواء حارة بشكل عام نتيجة لسيطرة جبهة هوائية دافئة في مقدمة المنخفض الجوي المتمركز حول جزيرة قبرص.
في يوم الثلاثاء، بتاريخ 17 آذار، بدأت أول جبهة هوائية قطبية باردة بعبور الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان وشمال مصر، مما أدى إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير وسريع. انقلبت الأجواء الدافئة إلى باردة، وبدأت المرتفعات الجبلية باستقبال زخات ثلجية في سوريا ولبنان وشمال الأردن وفلسطين.
في ليلة الأربعاء، بتاريخ 18 آذار، بدأت الجبهة الهوائية القطبية الثانية – التي تعتبر الأشد في هذا المنخفض – بعبور البلاد، وضربت المرتفعات الجبلية عاصفة ثلجية ثقيلة مصحوبة بثلوج غزيرة وعواصف رعدية.
وبسبب وجود كميات كبيرة من الغبار في الجو، اتخذت الثلوج لونًا أصفر، وكان ذلك واضحًا في الثلج المتراكم منذ بداية الهطول الثلجي. استمرت الثلوج الغزيرة على فترات حتى ساعات ظهر يوم الأربعاء، حيث تغطت معظم المرتفعات الجبلية باللون الأبيض.
كانت هذه العاصفة الثلجية مفاجئة بسبب عدم قدرة مراكز رصد الطقس في المنطقة على التنبؤ بقوتها بدقة، وأيضًا بسبب التعمق الكبير الذي حدث في المنخفض الجوي، مما تسبب في سحب هواء قطبي بسرعة عبر شرق أوروبا نحو المنطقة، مما أدى إلى مفاجأة الجميع بكمية الثلوج التي هطلت في وقت غير معتاد.
