المركز العربي للمناخ –
ما هي الرياح الموسمية “المونسون”!!??
وما هي فترات ومصادر هبوبها? ?
وماهي المناطق الواقعة في نطاق تأثيرها المباشر? ?
وما أهميتها لتلك المناطق? ?
وكيف تستفيد مناطق السلطنة منها? ?
ولماذا يكون تأثيرها متفاوت ومختلف في النمط من منطقة لأخرى? ?
��كل هذه الأسئلة سأحاول قدر الإمكان أن أعطي لها شرح مفصل وفق بحثي المتواضع والذي قد يحتمل الصواب أو الخطأ ويسعدني مشاركتكم في أي نقطة تتعلق بهذا الموضوع فهدفنا نشر الثقافة في مجال الطقس وتبادل الفائدة نسأل الله التوفيق ولنبدأ على بركة الله. .
بكل بساطة الرياح الموسمية هي أحد النظم المعروفة للرياح وهي التي تهب من منطقة لأخرى وفق مدة زمنية من كل عام حيث يختلف إتجاهها أو مصدرها بتغير المواسم وهما الصيف والشتاء حيث تتغير بذلك منظومة الضغوط الجوية حيث يتميز فصل الصيف بهطول الأمطار المتفاوتة الغزارة على المناطق الواقعة في نطاق تأثيرها بينما يحدث العكس شتاءً حيث تغلب سمة الجفاف بمعظم المناطق التي تهب عليها.
مصطلح المونسون هو في الأصل إخذ من الكلمة العربية “موسم” وسمي بالاتينية “مونسون” وإستخدمت كلمة “موسم” لأول مره لوصف الرياح التي تهب على بحر العرب حيث كانت تهب من جهة الشمال الشرقي عادةً مابين شهري أكتوبر وأبريل ويبرز نشاطها في شهر يناير بينما في الفترة ما بين أبريل وسبتمبر يحدث العكس حيث تهب من الجنوب الغربي بإتجاه الشمال الشرقي ويعتبر شهر يوليو الأكثر نشاطا لتلك الرياح كما يعد شهري أكتوبر وسبتمر من أشهر الفترة الإنتقالية ما بين الصيف والشتاء.
هذه الرياح سبقنا بمعرفتها العرب والعمانيون بشكل خاص قديما حيث كانوا يستخدمونها في الإبحار بسفنهم الشراعية المسماة بـــــ “ الدهو” فكانت المونسون تدفعهم من جهة الجزيرة العربية أو الخليج للوصول لسواحل أفريقيا الشرقية وكان لنشاط الرياح أثر واضح في تحديد سرعة وصولهم لتلك المناطق فكانوا يعرفون فترات نشاطها وهدوئها حيث كانو يستغرقون 40-30 يوما في فترات الهدوء بينما في فترات النشاط تتراوح المدة بين 25-20يوما.
عندما نأتي لفترات هبوب الرياح الموسمية “المونسون” سنجدها تختلف في مصدرها أوإتجاهها في فصل الشتاء ونظيره فصل الصيف ففي فصل الشتاء ومع حركة الشمس الظاهرية للجنوب ومع سقوط أشعة الشمس بزاوية مائلة ومع قصر ساعات النهار يقل مستوى التسخين الشمسي وسرعان ما تفقد اليابسة حرارتها كما هو الحال للمرتفع السطحي العملاق أو ما يسمى بــ “المرتفع السيبيري” ومن المعروف بأن السعة الحرارية لليابسة أقل مقارنة بالمسطح المائي لـ تندفع الرياح الباردة والجافة من جهة الشمال الشرقي “اليابسة” للجنوب الغربي “المسطح المائي”
بينما يحدث العكس صيفا فـ مع رحلة الشمس الظاهرية للشمال وسقوط أشعتها بزاوية عمودية على القارة الهندية لفترة طويلة مما يؤدي لإكتسابها طاقة تسخين عالية ليسخن الهواء المحيط بها ويتشكل منخفض سطحي ضحل وواسع النطاق تزامنا مع ظهور ما يسمى مرتفع مسكرينا قبالة مدغشقر حيث تتحرك الرياح من الجنوب الغربي نحو مناطق الضغط المنخفض بالقارة الآسيوية أو ما يسمى بمنخفض الهند الموسمي في الجانب الشمالي الشرقي.
عندما نأتي للمناطق الواقعة ضمن نطاق ظاهرة الرياح الموسمية سنجد بأنها تتوزع على عدة أنحاء حول العالم وتتفاوت في مدى وضوح تأثيرها بين منطقة وأخرى حيث تتأثر كل من المناطق الساحلية في جنوب غرب الهند وسريلانكا وبنغلاديش وميانمار وأفريقيا الجنوبية الغربية، غينيا، وشمال شرق وجنوب شرق البرازيل بامريكا الجنوبية وكذلك بأجزاء من أجواء المكسيك بأمريكا الشمالية.
في حين أن بروز تاثير الرياح الموسمية بشكل مؤثر و واضح يتمثل بتلك المناطق الواقعة في نطاق القارة الآسيوية كالمناطق الساحلية لجنوب غرب الهند وسريلانكا وبنغلاديش وميانمار والصين ..إلخ..
وفي الحقيقة أن الرياح الموسمية في جنوب القارة ليست إلا الرياح التجارية الجنوبية الشرقية في نصف الكرة الجنوبي,التي تتأثر بشدة انخفاض الضغط على قارة آسيا كما ذكرنا ذلك في الأعلى فتندفع شمالاً لتعبر خط الاستواء وعندئذ تنحرف على يمين اتجاهها حسب قانون فرل فتصبح جنوبية غربية وتلعب التضاريس دوراً هاماً في كمية الأمطار بالجهات المرتفعة,من ذلك السفوح الجنوبية لجبال الهمالايا حيث تضطر الرياح للصعود,فتبرد وتنتشر وتقل قابليتها على حمل بخار الماء فتهطل الأمطار التضاريسية الغزيرة,التي قد تسبب فيضانات عامة في بعض السنين,والمثال التقليدي على ذلك بلدة تشيرا يونجي التي تسجل في المعدل السنوي ما يقرب من (11000 مل) من الأمطار,فهي بذلك أغزر محطات الأرض مطراً,ويستمر موسم الأمطار الغزيرة من شهر يونيو (حزيران) إلى أكتوبر (تشرين أول).ولكنه يقتصر بالتدريج وتقل الكمية بالإتجاه شمالاً.
عندما نأتي للأهمية التي تحظى بها تلك الرياح لـ مناطق جنوب شرق آسيا والهند صيفا فإننا نتحدث عن إرتباط وثيق بينها وبين حياة السكان هناك لما لها من دور أساسي في دعم مصادر الدخل الإقتصادي لمعيشتهم ويتمثل ذلك في عدة مجالات ومنها الزراعة بشكل أساسي حيث ينتظر سكان تلك المناطق قدوم الرياح الموسمية بفارغ الصبر ، فالعديد من تلك البلدان ليس لديهم أنظمة الري الكبيرة المحيطة بالبحيرات والأنهار او حتى إمدادات المياه الجوفية ومع قدوم الرياح الموسمية تجلب معها الأمطار الغزيرة لتفيض الآبار والمخازين الجوفية بالمياه وتصبح المياه متواجده بإستمرا في مساحات زراعية كبيرة ليبدأ المزارعون بغرس محاصيل الرز والشاي والحاصيل الموسمية الاخرى وفي المقابل تشكل الأمطار الموسمية مرتكزا لمزارع الألبان حيث تعد الهند من أكبر المنتجين للحليب في العالم كما أن للأمطار الموسمية هناك أهمية كبيرة لجعل الثروة الحيوانية صحية من خلال التغذية الجيدة.
كذلك تشكل الرياح الموسمية الصيفية دعم كبير في المجال الصناعي لتلك الدول حيث تلعب تلك الرياح دور كبير في جلب الأمطار الغزيرة التي يتم الإستفادة منها من خلال عمل التوربينات الكهرومائية والتي تساهم بإمداد الكهرباء للمستشفيات والمدارس والشركات والتي بدورها تتطور أوضاع المناطق المندرجة تحت نطاقها.
تأخر أو ضعف هبوب تلك الرياح يترتب عليها آثار إقتصادية في جميع المجالات التي ذكرت بالأعلى فيضعف الإنتاج الزراعي والحيواني وليس بمقدور بعض السكان هناك دفع تكاليف المعيشة ما يضطر حكومات تلك الدول لإستيراد الأغذية من الخارج وفي المقابل في الجانب الصناعي ترتفع تكلفة الكهرباء وبالتالي تحد من تطوير الشركات والأفراد ، لهذا يطلق بعض سكان الهند لقب “وزير المالية” لظاهرة الرياح الموسمية.
وفي المقابل إشتداد هبوب الرياح الموسمية صيفا بصورة غير طبيعية يؤدي لحدوث إضرار كبيرة لتلك المناطق حيث تؤدي الأمطار الغزيرة جدا والمتواصلة التي يحفزها نشاط تلك الرياح تؤدي لتدمير مناطق كبيرة بفعل الفيضانات حيث تتسبب أحيانا بغرق أحياء بأكملها كما حصل في السنوات الماضية في مومباي الهندية أما في المناطق الريفية يمكن أن ان يتسبب الهطول الغزير والمستمر للأمطار في انهيارات طينية ودفن القرى وتدمير المحاصيل.
وفي عام 2005، احدثت الرياح الموسمية القوية دمارا كبيرا غرب الهند حيث ضربت أمطارها الغزيرة جدا أولا ولاية غوجارات وتسببت بمقتل أكثر من 100 شخص. ثم ضربت الأمطار الموسمية الصيفية ولاية ماهاراشترا حيث تسببت فيضاناتها بمقتل أكثر من 1000 شخص هناك و في يوم 26 يوليو 2005 تلقت مدينة مومباي، ماهاراشترا (993.14 مل ) من الأمطار.
نأتي الآن للرياح الموسمية الشتوية بمناطق جنوب شرق آسيا حيث تغلب عليها سمت الجفاف كون مصدرها جاف وبارد عادة وعندما نقارن قوة الرياح الموسمية بين الصيف والشتاء سنجدها أقل نشاطا في موسم الشتاء مقارنة بنظيره الصيف حيث تنطلق تلك الرياح من أجواء منغوليا وشمال غرب الصين لتصدم بجبال الهملايا التي تخفف من رتم إندفاعها وبالتالي يقل نشاطها جزئيا وتعمل جبال الهملايا كذلك عن حفظ الأجواء دافئة لمناطق جنوب الهند وسيريلانكا طوال العام
وفي المقابل ليست كل الرياح الموسمية الشتوية جافة فـ على عكس الجزء الغربي من جنوب شرق آسيا نجد أن ساحل المحيط الهادئ في جنوب شرق آسيا يواجه موسم ممطر في فصل الشتاء حيث تقوم الرياح الموسمية الشتوية الباردة بدفع الهواء الرطب المتواجد بأجواء بحر الصين الجنوبي إلى مناطق مثل إندونيسيا وماليزيا وكما تتأثر عدة دول تقع ضمن مرور تلك الرياح بمسطح مائي قبل أن تصلها کعبورها بأجواء بحر اليابان وخليج البنغال ، لن تتطرق كثيرا في مجال الرياح الموسمية الشتوية ونكتفي بهذا القدر.
بعد ما اخذنا فكرة عامة عن رياح المونسون من حيث مسماها أو تعريفها ومصادر وفترات هبوبها والمناطق الواقعة تحت نطاق تأثيرها وكذلك مدى الأهمية الإقتصادية والصناعية التي تجلبها سنتتطرق الآن عن مدى تأثر السلطنة بها.
يعتبر موقع السلطنة الجغرافي من المواقع التي تتأثر بعدة أنماط جوية فتتنوع أجواء مناطقها مابين البرودة والحرارة والإعتدال وكما تعلمون بأن السلطنة تطل على مسطح مائي ذو مساحة شاسعة ألا وهو بحر العرب عوضا عن مسطحي بحر عمان والخليج العربي وفي المقابل أيضا هي تقع ضمن نطاق صحاري ذات مساحات كبيرة وكما تتميز بتضاريسها الجبلية البارزة في الجانب الشمالي وأقصى الجنوب حيث يندرج المناخ بعدة أشكال من منطقة لأخرى حيث نجد المناخ الإستوائي والشبه الإستوائي والصحراوي.
ما يهمنا هنا هو التركيز على المناخ المداري الذي يؤثر بأجواء السواحل الجنوبية وأجواء جبال ظفار حيث تلعب رياح المونسون “الرياح الموسمية”دورا كبيرا في هذا المناخ والذي هي أساس موضوعنا الحالي حيث محليا في محافظة ظفار يطلق على فترة هبوب تلك الرياح صيفا بــ”موسم الخريف”.
لنتعرف كيف يحدث ما يسمى محليا بـ “الخريف”بجبال ظفار ولماذا لا يشمل ذلك باقي سواحل السلطنة أو جبال الحجر علينا أولا بأن نعلم بأن مع تأثير الرياح الموسمية هنالك عامل آخر وهو دورة مياه المحيطات الذي لها الأثر الكبير في التغيرات المناخية في العالم وإليكم هذه المقدمة البسيطة في هذا المجال.
تعزى حركة المياه السطحية فى المحيطات الى الريح ودوران الارض فالريح التى تهب على سطح الماء تدفعه فتجعله يتحرك وبهذه العملية يتولد فى بادئ الامر تموجات ثم تليها الامواج ’ وتكون الدورة التى تنشا بهذه الطريقة ضحلة لا يتعدى عمقها فى الغالب عدة مئات من الاقدام ويتحرك فيها الماء ببطء غالبا ما بين جزء من الميل الى عدة اميال فى الساعة ,وتكون حركة المياه دورانية لأن دوران الارض والقارات يغيران اتجاه حركتها فدورة الارض تحرف اتجاه التيارات المائية الى اليمين فى نصف الكرة الشمالية والى اليسار فى نصف الكرة الجنوبى , وتصبح دورة المياه فى الجزء الجنوبى من نصف الكرة الجنوبى باتجاه خطوط العرض لعدم وجود قارات تتدخل فى مسيرتها . وتحدث الدورة العميقة الى حد كبير من اختلاف الكثافات النوعية لمياه المحيط.
فالمياه القطبية الباردة الثقيلة وبالذات مياه القطب الجنوبى تهبط قريبا من القاع باتجاه خط الاستواء واحيانا الى مناطق ابعد وعلى النقيض من ذلك فان مياه البحر الابيض المتوسط الدافئة العالية الملوحة بسبب التبخر تجرى الى المحيط الاطلسى على اعماق متوسطة.
بعد هذه المقدمة البسيطة نأني لنوضح تأثير حركة تلك التيارات بما يسمى محليا بجبال ظفار “الخريف” فكما تطرقنا في الاعلى بأن الرياح الموسمية الصيفية تندفع من الجانب الجنوبي الغربي بفعل مرتفع مسكرينا قبالة مدغشقر لتتجة نحو الشمال الشرقي حيث المنخفض الضحل المتواجد بأجواء القارة الهندية حيث تعبر تلك الرياح سواحل أفريقيا شرقا ومع تقدمها تنحرف تدريجا للشمال الشرقي لتصل أجواء بحر العرب ثم لمناطق جنوب شرق آسيا كما هو واضح في الصورة المرفقة.
ولكن وقبل الخوض لظاهرة الخريف لماذا تنحرف تلك الرياح الجنوبية الغربية بالإتجاه الشمالي الشرقي قبل أو مع وصولها لأجواء بحر العرب ولماذا لا تندفع نحو أجواء شبه الجزيرة العربية ?? عندما نأتي لتفسير ذلك سنجد بان هنالك عدة عوامل تتحكم بهذا الشأن سنستخلصها بالتالي.
نلاحظ من الصورة أعلاه أن حركة تلك الرياح المتجهه نحو مناطق الضغط المنخغض شمالا تكاد تكون مستقيمة أو عمودية عند وصولها خط الإستواء و كما تطرقنا بموضوعنا السابق “عوامل تشكل الحالات المدارية” يعزى ذلك بعد قدرة الله لقوة كوريوليس حيث ان هذه القوة تحدث نتيجة لدوران ألأرض حول نفسها وتؤثر فقط على ألأجسام المتحركة وهذه القوة تكون عمودية على اتجاه الحركة والى اليمين من هذا الاتجاه في النصف الشمالي للكرة الأرضية والى اليسار منه في النصف الجنوبي للكرة الأرضية حيث إن هذه القوة معدومة عند خط الاستواء وتزداد كلما اتجهنا باتجاه القطب لذلك تعد قوة كوريولس أحد العوامل التي تتسبب بإنحراف تلك الرياح تدريجيا لليمين “الشمال الشرقي” بعد عبورها خط الإستواء.
الأشكال التالية على اليمين توضحان حركة الرياح في حال عدم دوران الأرض “إنعدام قوة كوريولس” بينما الصور على اليمن توضح إتجاه الرياح في ظل تواحد قوة كوريولس “دوران الارض حول نفسها”
العامل الآخر وهو معروف لدى معظمنا بأن المساحة الكبيرة جدا المتمثلة كما يسميها البعض القارة الهندية تستحوذ على طاقة حرارية عالية تترجم بإنخفاض كبير للضغط السطحي والذي يتغلب في مساحته على المنخفضات المتكونة بأجواء شبه الجزيرة العربية فمن الطبيعي أن تتوجه تلك الرياح نحو المناطق الاكثر الأكبر مساحة في إنخفاض الضغط وهي مناطق جنوب شرق آسيا كما هو واضح في الصورة المرفقة أدناه
بعد ما أخذنا نبذة مختصرة لعوامل إنحراف تلك الرياح ودورة مياه المحيطات نعود مجدداً للظاهرة المعروفة محليا في ظفار بالخريف حيث سنشرح تاثير حركة التيارات البحرية والتضاريس المواجهة لها على حدوث تلك الظاهرة ولماذا لا نشاهد التكونات الرعدية الماطرة بغزارة بأجواء جبال ظفار.
وفق ما ذکرنا فـ الاعلى بأن التيارات البحرية تتاثر بحركة الرياح السطحية فإن الشكل المرفق في الاسفل يوضح لنا إتجاه او حركة الرياح السطحية والتيارات البحرية الباردة المصاحبة لها من قاع البحر والقادمة من القطب الجنوبي وكما أن الرياح تنحرف لليمن في القسم الشمالي من الارض فإن التيارات بما أنها جزيئات متحركة فإنها كذلك تتبع نفس النهج الذي تحدثنا عنه بالاعلى إلا أنه ليس هنالک تطابق تام في الإتجاه مقارنة بحركة الرياح السطحية حيث أن ما يعرف بالتوتر السطحي ينخفض كلما زاد عمق البحر وبذلك تتناقص سرعة إنحراف التيارات البحرية كلما تعمقنا للأسفل مع صعود التيارات المائية أو ما يسمى بـ”دوامة إيكمان” حيث يبلغ متوسط إنحراف التيارات السطحية بزاوية 45° للقسم الشمالي من الكرة الارضية حيث تحدث إزاحة لمياه السطح وتستبدل بمياه قادمة من قاع البحر أو ما يسمى بـ “الموجات المتقلبة”
الشكل المرفق في الاسفل يوضح لنا كيف تتاثر دورة مياه المحيطات مع تضاريس قاع البحر والحدود الجانبية بسواحل السلطنة الجنوبية بما فيها سواحل ظفار حيث يبلغ متوسط درجة حرارة الرياح الموسمية حوالي 28-25 درجة مئوية بينما متوسط نقطة الندى حوالي 25-22 درجة مئوية وكشرح بسيط نلاحظ إتجاه الرياح السطحية بالاسهم العريضة البرتقالية والتي تبلغ سرعتها ما بين 30 و 40 عقدة حيث تقوم بإزاحة مياه البحر في المستوى السطحي لليمين”الشمال الشرقي” والمتمثلة بظاهرة إيكمان حيث تشير الاسهم الحمراء لحركة تلك المياه حيث تبتعد المياه السطحية الدافئة عن الساحل وتحل محلها التيارات المتقلبه حيث الإختلاف في الرياح السطحية يقود لإختلاف تيارات إيكمان المتحركة مما يؤدي لإختلاف مياه السطح وهبوط تيارات بحرية بعيدا عن الشاطئ وفي المقابل صعود تيارات بحرية أخرى على الشواطئ والتي توضحها الاسهم الزرقاء.
عموما مثل ما ذكرنا سابقا بأن التيارات المتواجدة في قاع البحر هي تيارات باردة قادمة من مناطق القطب الجنوبي ووفق الشرح بالاعلى نستنج بأن درجة حرارة المياه قرب الشواطئ بطول سواحل السلطنة الجنوبية هي ضمن قيم درجات حرارة منخفضة وهذا واضخ من خلال الصورة المرفقة لدرجة حرارة سطح البحر MODIS وذلك بفعل الموجات المتقلبة.
ما أردت ان اوضحه في الشرح السابق بأن سطح المياه القريبة من السواحل يعتبر بارداً بفعل التيارات الصاعدة من قاع البحر ونحن نعرف بأن مرور كتلة هوائية دافئة ورطبة والمتمثلة بالرياح الموسمية الجنوبية الغربية الرطبة فوق مسطح بارد تكون نتيجته تكاثف الرطوبة أو بخار الماء السفلي لتتكون على إثره السحب المنخفضة أو الضباب بشكل كثيف ثم تندفع تبعا لحركة الرياح من على سطح البحر نحو السواحل وصولا للجبال حيث تقوم الأخيرة بعملية رفع تلك الرطوبة لتظهر سحب تضاريسية منخفضة يقدر إرتفاعها بحوالي 1200 إلى 1500 متر.
دائما يتسائل البعض لـماذا لا نشاهد تكونات رعدية ماطرة بغزارة بأجواء جبال ظفار وعلى النقيض من ذلك نلاحظ وجود تلك التكونات بجبال الحجرين شمالاً??
نعم قد يكون لغياب التيارات الحملية الصاعدة دورا في هذا المجال ولكنها ليست السبب الوحيد لذلك وقد يتسائل البعض لماذا لا تظهر تلك التيارات الحملية الصاعدة بشكل قوي بأجواء الشريط الساحلي لظفار في معظم اوقات السنة ، السبب في ذلك بعد قدرة الله هو ما يسمى بالإنقلاب الحراري الناتج عن إستقرار الكتل الهوائية الدافئة في المستويات المنخفضة نتيجة التبريد السفلي المستمر “برودة المستويات المنخفضة مقارنة بالمستويات الأولية التي تليها” هذا يعد أحد الأسباب ولكن هنالك سبب آخر أيضا وهو رياح القص الجافة القادمة من الصحاري والتي تكون معالمها واضحة في ما بعد إرتفاع 1200متر حيث تعمل تلك الرياح على تشتيت الرطوبة عند إصطدامها وإرتفاعها بجبال ظفار لتمنع فرص أي نمو رأسي للسحب التي تتعدى المستوى المنخفض بينما على النقيض من ذلك فإن الرياح في معظم المستويات شمالا بأجواء الحجرين تكون شرقية وشمالية شرقية هادئة صيفا تعمل على سهولة الصعود الراسي للرطوبة او بخار الماء بفعل التضاريس أو الطاقة الحملية الصاعدة وبالنظر لباقي السواحل الجنوبية الشرقية نجدها تفتقد لعامل تضاريس الرفع فنلاحظ فقط الإستفادة تكون بالنسمات المنعشة مع تدفقات بسيطة للسحب المنخفضة أحيانا في الصباح الباكر والله أعلم.
تستفيد جبال الحجرين من الرياح الموسمية التي تهب بأجواء بحر العرب لتنجذب نحو مناطق الإنخفاض المحلي البسيط لقيم الضغط خصوصا لمناطق شرق ووسط الحجر لتتشكل نقاط إلتقاء تصعيدية مع الهبات الرطبة لبحر عمان حيث عند إصدامها بالمرتفعات الجبلية ترتفع رأسيا وفي ظل إرتفاع الطاقة الحملية أو درجات الحرارة العالية ييتمر تمدد الهواء الرطب رأسيا حتى يبرد وينتشر وبالتالي وتقل قابليه على حمل بخار الماء فتظهر السحب الركامية أو ما تسمى محليا “التكونات المحلية” فتهطل الأمطار التضاريسة بشكل متفاوت وتتسبب أحيانا التيارات الصاعدة القوية بتساقط حبات البرد وتستبدل بتيارات هابطة نشطة أحيانا وتتحرك خلايا تلك التكونات من مواطن النشوء نحو مناطق أخرى تبعا لحركة الرياح في المستويات المتوسطة والعالية.
أخيرا لاحظو من خلال الشكل المرفق كيف تقوم التضاريس المتمثلة بالمرتفعات الجبلية بمناطق جنوب شرق آسيا والتي تقوم بعملبة صعود إجبارية لبخار الماء وإرتفاعه للاعلى أثناء إصدامه بها لتعمل على تكاثف السحب الركامية الماطرة بغزارة عوضا عن بقية العومل المساعدة والله أعلم
في نهاية هذا الموضوع يعتبر جميع ما ذكر في الأعلى مجرد جزء بسيط من ما تحمله كلمة monsoon أو ما يعرف بالرياح الموسمية من معنى ، فلا تزال هنالك العديد من المعلومات المتعلقة بهذا الصدد حيث أنني فقط وضحت بعض الاساسيات المندرجة تحت مظلة هذه الظاهرة فهذا الموضوع يحتاج الكثير من التعمق والبحث وأرجو ان اكون قد وفقت في إختياري له وأن يكون لا يكون هنالك مغالطات أو معلومات خاطئة قد وضعتها بدون قصد أو علم وأخيرا أرحب بأي إنتقاد بناء هدفه تبادل المعرفة أو تصحيح المسار .. مع أطيب الأمنيات..
مصادر قمت قد إسفدت منها في هذا الموضوع وهي كالتالي:
1-موقع ويكيبيديا الشهير
2- جامعة ولاية بنسلفانيا لأبحاث الغلاف الجوي
3-موقع “ GoLearnGeography”
4-الموقع التعلیمي “ scienceclarified”
5-موقع ستار تايمز الشهير
6-أحد مقالات الأستاذ عبدالله بن راشد الخضوري كاتب وباحث في علوم الأرصاد الجوية والبيئة*في سلطنة عمان.
7-الأرصاد التايوانية
منقول / مركز العاصفة