المركز العربي للمناخ
Image default
ترند

قمة غلاسكو | وعود دولية بجمع التمويلات ومكافحة إزالة الغابات والتخلص من استخدام الفحم

المركز العربي للمناخ – غلاسكو (أسكتلندا)

شهد الأسبوع الأول من مؤتمر المناخ “كوب – 26” إعلان التزامات دولية حول مكافحة إزالة الغابات والتخلص من استخدام الفحم وجمع المليارات من الدولارات لاستثمارات خضراء، وهي التزامات تقول الحكومات إنها غير مسبوقة في حين يعتبرها مراقبون وعودا متجددة لا علاقة لها بما يحدث على أرض الواقع، ويحذرون من أن التغيرات المناخية غير المسبوقة والتي تهدد المصير الجماعي تستوجب السرعة في اتخاذ تدابير منطقية ومالية تضمن عدالة مناخية للجميع.

كان للمنظمين البريطانيين برنامجهم في مؤتمر غلاسكو الأممي والذي لخصه رئيس الوزراء بوريس جونسون بـ”الفحم والسيارات والنقود والأشجار”، ويعني التخلص تدريجيا من الوقود الملوث والمركبات العاملة بالاحتراق الحراري وجمع الأموال لمساعدة العالم على حماية الغابات. لكن بعض المراقبين يؤكدون أنه ثمت هنالك فجوة بين هذه الإعلانات وعلاقتها بخفض الانبعاثات إلى حد يسمح بتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ والقاضي بحصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين وبحدود 1.5 درجة.

ويرى محمد أدون مدير مركز “باور شيفت أفريكا” للبحوث حول المناخ ومقره في نيروبي أنه كانت هناك “حقيقتان إحداهما هي عالم البيانات الصحافية للحكومة البريطانية التي تعلن فيها عددا كبيرا من المبادرات التي تشير إلى أن كل شيء يسير على ما يرام وأننا أوشكنا على حل أزمة المناخ. والأخرى هي خارج فقاعة العلاقات العامة هذه، المناخ هو الواقع”.

صرح يوم الاربعاء رئيس مؤتمر “كوب – 26” ألوك شارما “اليوم وافقت مجموعة من 190 بلدا على التخلص التدريجي من الفحم لإنتاج الطاقة”. وأُعلن هذا العدد لوسائل الإعلام مساء الثلاثاء لكن القائمة لم تنشر حتى اليوم التالي، وضمّت 77 بلدا موقعا فقط، بما فيها 46 دولة كانت قد تعهدت بالتزامات في هذا الشأن.

فجوة بين التزامات الدول وخفض الانبعاثات في الواقع إلى حد يسمح بتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ

وضمت هذه القائمة دولا تستخدم الفحم على نطاق واسع على غرار كوريا الجنوبية وفيتنام، وأكد المنظمون أن 23 دولة قطعت التزامات جديدة. لكن في هذه اللائحة هناك 10 دول لا تستخدم الفحم على الإطلاق، وفقا لمنظمة إمبر غير الحكومية المتخصصة. وفي المجموع تستهلك الدول الموقعة نحو 13 في المئة من الإنتاج العالمي.

وخلال هذا المؤتمر الذي تنظمه الأمم المتحدة أعلن اتفاق آخر وهو التزام أكثر من 100 دولة بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30 في المئة بحلول العام 2030، مع تأثير فعلي محتمل على المدى القصير على ارتفاع درجات الحرارة، بحسب الخبراء.

وأعلنت الهند، رابع أكبر مصدر لغازات الدفيئة في العالم، عزمها على تطوير الطاقات المتجددة وتحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2070. وقدمت دول أخرى التزامات جديدة في ما يتعلق بالانبعاثات أو حياد الكربون.

من جانبه أكّد مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول أن الدراسات التي قامت بها فرق منظمته ولم تُنشر بعد تشير إلى أن الالتزام بكلّ الوعود التي أعلنت خلال مؤتمر “كوب – 26” قد يؤدي إلى حصر ارتفاع حرارة الأرض بـ1.8 درجة مئوية.

لكن وفقا لتحليل أجرته منظمة “كلايميت أناليتكس” غير الحكومية، فإن سيناريو الوكالة الدولية للطاقة “لا يتوافق مع هدف درجة الحرارة طويل الأجل المنصوص عليه في اتفاق باريس” ويمثل انبعاثات زائدة من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بحسابات خبراء المناخ في الأمم المتحدة.

وفي هذا الإطار يقول سايمون لويس من “يونيفيرسيتي كوليدج لندن” إنه “من الطبيعي أخذ كل الوعود وترجمتها إلى تقدير عالمي، لكن ينبغي النظر إلى ذلك بحذر شديد”.

ولفت الخبير إلى أن أستراليا والمملكة العربية السعودية أعلنتا أهدافا لتحقيق الحياد الكربوني دون “أي خطة تنفيذية وبانبعاثات تسير بشكل كبير في الاتجاه الخاطئ”. وبالنسبة إلى دبلوماسي كبير فإن “معظم الوعود بحياد الكربون جوفاء”.

وكانت الحكومة البريطانية أعلنت الإثنين أن الدول التي تمثل 85 في المئة من الغابات المطيرة في العالم وقّعت تعهدا “غير مسبوق” بإنهاء إزالة الغابات بحلول العام 2030.

585985

وهذا التزام مشابه لإعلان نيويورك بشأن الغابات للعام 2014 الذي وقعته 40 دولة وأكثر من 150 مجموعة ومنظمة لشعوب أصلية. ووجد تقييم هذا العام لهذا الإعلان الأول أنه من بين أكبر 32 دولة حرجية كانت الهند هي الوحيدة التي ترجمت الالتزام إلى أفعال.

وبالنسبة إلى داميان فليمنغ نائب مدير الصندوق العالمي للطبيعة لمسائل الغابات فإن الالتزامات في غلاسكو “غير مسبوقة من حيث الحجم لكن ليس في الطموح”، مشيرا إلى أنه منذ إعلان نيويورك “أزيلت غابات تزيد مساحتها عن مساحة فرنسا”.

ومن المسائل الحيوية الأخرى لمؤتمر “كوب – 26” الشؤون المالية. وتطالب الدول النامية البلدان الغنية ذات الانبعاثات المرتفعة بالوفاء بتعهدها القاضي بجمع 100 مليار دولار سنويا لمساعدتها في مواجهة أزمة المناخ. وهو مبلغ يتفق الجميع على أنه أقل بكثير من الحاجات الفعلية.

والأربعاء قال محافظ مصرف إنجلترا السابق مارك كارني إن صندوقا أطلق عليه “حياد الكربون قد يكون جمع 130 تريليون دولار”، مضيفا أن “الأموال موجودة إذا أراد العالم استخدامها”.

لكنّ المراقبين قالوا إن مديري الصندوق ليسوا بحاجة إلى تخصيص سوى نسبة صغيرة من رؤوس أموالهم في مشاريع خضراء للاستفادة من هذا التصنيف، دون أن يُمنعوا في الوقت نفسه من الاستثمار في الوقود الأحفوري.

وقال مبعوث الأمم المتحدة للعمل المناخي سيلوين هارت “إنه أمر صادم ومحبط جدا أنه بعد ست سنوات من اتفاق باريس، فشلت المؤسسات المالية الرئيسية في العالم في الالتزام بهدف حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية”.

ورأى دانيال ويليس من منظمة “غلوبل جاستيس ناو” غير الحكومية أن مؤتمر الأطراف أنتج حتى الآن خصوصا “تقارير مالية مضخمة ووعود إنفاق أعيد تغليفها قدّمت على أنها جديدة وتأكيدات القادة بأنهم نجحوا في حصر الاحترار بـ1.8 درجة مئوية على أساس وعود فقط”.

لكن للنشطاء في مجال الدفاع عن المناخ رأيا آخر، حيث يعتبرون أن مثل هذه المؤتمرات مجرد اجتماعات شكلية لا تقدم حلولا واقعية كما أنها لا توفر العدالة المناخية.

وخرج عشرات الآلاف من الأشخاص للتظاهر من أجل المناخ السبت متحدين الأمطار الغزيرة والرياح العاتية في غلاسكو المدينة المضيفة لمؤتمر المناخ ومركز التعبئة العالمية لمطالبة القادة السياسيين باتخاذ خطوات في مواجهة التغيّر المناخي الذي يهدّد البشرية.

كما شهدت عواصم ومدن كبرى عبر العالم تظاهرات مماثلة للمطالبة بالتحرك في مؤتمر “كوب – 26” وعدم تأجيل القرارات اللازم اتخاذها الآن، وللمطالبة بمساعدة فورية للمجتمعات الأكثر تضررًا من تبعات الاحترار المناخي.

وتهدف هذه التحركات أيضا إلى المطالبة بـ”العدالة المناخية” واتخاذ تدابير فورية من أجل الشعوب لاسيما في بلدان الجنوب الأكثر فقرًا والمتضررة أصلاً بالاحترار المناخي لكوكب الأرض الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة من الأنشطة البشرية.

ولخّصت الناشطة الأوغندية من أجل العدالة المناخية فانيسا ناكاتي الظلم المناخي بالتذكير بأن أفريقيا تتحمل مسؤولية 3 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، لكن في أوغندا والدول المجاورة يتسبب التغيّر المناخي بجفاف وفيضانات كارثية وانزلاقات أرضية مميتة.

ودعا الأستاذ في جامعة ولاية بنسلفانيا مايكل مان إلى المزيد من الحذر بشأن محادثات المناخ التي تقودها الأمم المتحدة.

وغرّد مان “بالكاد بدأ مؤتمر ‘كوب -26’ والناشطون الذين أعلنوا موت القمّة يجعلون مديري شركات الوقود الأحفوري يقفزون من الفرح”.

وتعدّ رهانات المؤتمر الذي ما يزال منعقدا في غلاسكو كبيرة في أجواء جائحة عالمية أضعفت البلدان الفقيرة المعرضة فعليا لتأثير تغيرات المناخ.

ويناقش نحو مئتي وفد خصوصا ما ينصّ عليه اتفاق باريس حول إبقاء الاحترار العالمي دون الدرجتين مئويتين وإذا أمكن عند 1.5 درجة مئوية.

وتفيد آخر تقديرات للأمم المتحدة بأن العالم يتجه حاليا نحو ارتفاع “كارثي” في درجة الحرارة يبلغ 2.7 درجة مئوية. وكل عُشر درجة إضافية من الاحترار مؤثر وله عواقب من موجات حر وحرائق وفيضانات.

counter create hit