المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد
كنا قد اشرنا وبشكل مبكر في المركز العربي للمناخ من خلال عدة تقارير أن النظرة الأولية لموسم الشتاء المقبل تعطي مؤشرات بأنه “سيكون شديد البرودة” بمشيئة الله وبشكل اكبر من المعتاد , على الرغم من انتشار الكثير من الخرائط التي يروج لها قليلوا الخبرة في مجال المناخ والطقس والتي تعطي توقعات غير منطقية للموسم المقبل , علماً ان نماذج الطقس التي تصدر هذه الخرائط مشهود لها من جميع الخبراء بفشلها الدائم في التوقعات بعيدة المدى , حتى ان المراكز التي تصدر الخرائط الجوية بعيدة المدى عادة ما تكتب تحذير يشير الى ان دقة هذه التوقعات قليلة ولا يمكن اخذها على محمل الجد وتخلي مسؤوليتها بشكل صريح , وللعلم فان هذه النماذج اشارت الى ان شهر اكتوبر الحالي سيكون شبه جاف في بلاد الشام وماطر بشكل متقطع في بلاد المغرب العربي , وجاء الواقع معاكس تماماً , فاثناء كتابة هذا التقرير مازالت بلاد المغرب العربي تتعرض لموجات ماطرة قوية ومستمرة حتى نهاية هذا الأسبوع ستؤدي الى تجميع كميات اعلى من الأمطار اعلى من المعدلات العامة , بينما ننتظر تأثير اول منخفض جوي ” مبكر جداً ” مترافق مع حالة عدم استقرار سيؤثر على بلاد الشام نهاية هذا الأسبوع وبداية الأسبوع القادم ان شاء الله !! .
وبالرجوع الى الموضوع الأصلي وهو التبريد الأكبر من المعتاد لموسم الشتاء المقبل , ظهرت مؤشرات اكثر قوة تشير الى ان تراكم الثلوج خلال شهر اكتوبر الحالي سيكون اعلى بكثير من المعتاد في النصف الشمالي من الأرض , والغطاء الثلجي بدوره يعتبر احد اهم محركات وموجهات الشتاء ويؤثر على انماط حركة الكتل القطبية وديناميكية الضغوط الجوية , وكلما زادت كميات الثلوج كلما دل ذلك على تبريد اكبر يكون في القطب الشمالي مما ينعكس على اداء موسم الشتاء بحيث يجعله اكثر برودة , لذلك من المحتمل ان تتأثر مختلف دول العالم في النصف الشمالي من الأرض بهذا الحدث ومن ضمنا ستكون الدول العربية .
حمل تطبيق المركز العربي للمناخ لتصلك اخر اخبار الطقس ولمعرفة حالة الطقس في منطقتك ل 14 يوم مجاناً .. لتحميل تطبيق المركز العربي للمناخ اضغط هنا
تشير الدراسات الى ان تراكم الثلوج بشكل مبكر خلال شهر اكتوبر فوق سيبيريا , يؤدي الى ابطاء حركة الدوامة القطبية لانه يساهم في رفع الضغط الجوي فوق اجزاء واسعة من القبة القطبية , وهذا يسمح بحدوث تموج للتيار النفاث , وعندما يتموج التيار النفاث تنتقل الكتل الهوائية القطبية صوب العروض الوسطى والدنيا “بنسب أعلى من المعتاد” متسببة بعواصف ثلجية وموجات برد شديدة القوة , مما يزيد من فرصة وصول المنخفضات القطبية بشكل رئيسي في منطقة الشرق الأوسط واجزاء من الشمال الإفريقي , بحيث تتناوب النزولات القطبية , فعند تحرك السيبيري للغرب تتجه النزولات صوب الشمال الإفريقي , وعند تراجعه للشرق تتجه النزولات صوب الشرق الاوسط وبلاد الشام بشكل خاص مما يسمح بتعمق المرتفع الاوزوري صوب الغرب الأوروبي , تبين الصورة التالية انماط الضغط الجوي السائدة عند تولد المرتفع الجوي السيبيري المبكر :
يتولد الضغط الجوي المرتفع فوق سيبيريا بفعل تأثير التساقطات الثلجية المتراكمة فوق مساحات شاسعة , هذا بدوره يؤدي الى ارتفاع الضغط الجوي فوق المناطق التي تتراكم فيها الثلوج لان الهواء البارد يكون صعب الحركة فوق اليابسة بشكل كبير للغاية مما يعطل انتقال الهواء العامودي والافقي ويقلل الاضطرابات الجوية.
الخلاصة : جميع المؤشرات لدينا تشير الى ان موسم الشتاء المقبل سيكون ابرد من المعتاد استناداً الى عشرات الأدلة العلمية المناخية القوية والمفصلية في تحديد قوة الشتاء , العامل الذي شرحناه قبل قليل يعد احد اهم العوامل المفصلية في سلوك المواسم الشتوية , فعند انخفاض الضغط الجوي بشكل كبير فوق القطب الشمالي وهو ما نسميه ” الايجابية المتطرفة ” يحبس الهواء البارد فوق القطب ويستمر بالدوران حول القطب وتستقر الاجواء في العروض الوسطى والدنيا , والعكس صحيح فعند ارتفاع الضغط الجوي فوق القطب الشمالي فان الهواء البارد ينتقل بسهولة صوب العروض الوسطى والدنيا مما يولد حالات جوية ماطرة ومثلجة , وعند زيادة فرصة حدوث ارتفاع للضغط الجوي بشكل اكبر في القطب الشمالي تزداد فرصة حدوث النزولات القطبية , وهذا يؤدي الى زيادة قوة موسم الشتاء في المنطقة والمناطق التي تقع على نفس دوائر العرض معنا .
والله تعالى دائما اعلى واعلم
المهندس احمد العربيد
حمل تطبيق المركز العربي للمناخ لتصلك اخر اخبار الطقس ولمعرفة حالة الطقس في منطقتك ل 14 يوم مجاناً .. لتحميل تطبيق المركز العربي للمناخ اضغط هنا
لا مانع من النقل والتداول شريطة ذكر المصدر ” المركز العربي للمناخ ” وتحت طائلة المسؤولية .
