المركز العربي للمناخ – حصري – المهندس احمد العربيد
بدأت الدوامة القطبية الستراتوسفيرية بالتشكل في شمال الكرة الأرضية , وازدادت قوتها مؤخراً بشكل ملحوظ بعد الاعتدال الخريفي نتيجة قلة عدد ساعات النهار في النصف الشمالي من الأرض , وانعكس ذلك بشكل مباشر طبقة التروبوسفير السطحية التي تحتوي بداخلها على جميع العمليات الجوية من منخفضات ومرتفعات واضطرابات وخلافه , وتشكلت الدوامة القطبية في طبقة التروبوسفير ايضاً ، والتي يتضح عليها القوة والبرودة الكبيرة , ونلاحظ ذلك جيداً من خلال قراءات معامل تذبذب القطب الشمالي AO بحيث انها تشير الى تعمق الهواء البارد في القطب الشمالي بشكل كبير وملحوظ ويصل الى حد التطرف :
وهذا ما نسميه الايجابيه المتطرفة لمعامل تذبذب القطب الشمالي , اي انخفاض الضغط بشكل كبير في العروض العليا من 66 الى 90 درجة , مما يؤدي الى تكتل الهواء البارد وتجمعه داخل القطب وهذا بدوره يؤدي الى زيادة شدة البرودة نتيجة تجمع الهواء البارد , وبعد توجه معامل تذبذب القطب الشمالي الى السلبية ” اي ارتفاع الضغط في العروض العليا ” تدفق الرياح الباردة التي كانت متجمعه صوب العروض الوسطى واجزاء من العروض الدنيا مما يسبب انتشار موجات البرد , توضح الخريطة التالية تشكل مراكز ضغط جوي شديدة الانخفاض في القطب الشمالي كملا نلاحظ :
حمل تطبيق المركز العربي للمناخ لتصلك اخر اخبار الطقس ولمعرفة حالة الطقس في منطقتك ل 14 يوم مجاناً .. لتحميل تطبيق المركز العربي للمناخ اضغط هنا
في العادة , تكون هذه الايجابية المتطرفة للهواء البارد في القطب الشمالي ملحوظة في عمق الشتاء , ولكن حدوثها في بدايات فصل الخريف حالياً وبشكل مبكر للغاية له دلالات لابد لنا من الوقوف عندها .
كما ذكرنا اعلاه فان تكدس الهواء البارد يزيد من حدة البرد اصلاً , وهذا ان دل فانما يدل على دخول عوامل اخرى غير نقصان عدد ساعات النهار تساهم في اضافة تبريد اكبر في القطب الشمالي . احد اهم اسباب انخفاض الضغط بهذا الشكل في مركز القطب هو دخول عوامل تخلق فروقات حراية كبيرة ما بين الكتل الهوائية , فكلما زاد الفرق الحراري بين الكتل كلما كان الاضطراب الجوي اعنف وكلما قل الضغط بشكل اكبر .
ادى ذلك الى حبس الهواء البارد في العروض العليا مؤخراً , مما ساهم في تأخر وصول الكتل الهوائية المعتدلة والباردة نسبياً صوب البلاد العربية واجزاء اخرى من دول العروض الوسطى , وهذا هو السبب العلمي الذي يفسر ارتفاع الحرارة مؤخراً في دول بلاد الشام وما حولها , وهذا الأمر له ايجابية خلال الموسم المقبل فهو يؤدي الى ارتفاع حرارة المسطحات المائية في البحار القريبة من المنطقة , مما يزيد من معدلات تكاثف بخار الماء عند حدوث الاضطرابات الجوية ويؤدي بدوره الى زيادة معدلات الهطولات بمشيئة الله تعالى .
حمل تطبيق المركز العربي للمناخ لتصلك اخر اخبار الطقس ولمعرفة حالة الطقس في منطقتك ل 14 يوم مجاناً .. لتحميل تطبيق المركز العربي للمناخ اضغط هنا
مؤخراً وفي بدايات هذا العام 2022 , تفاجئنا يوم 15 يناير بثوران عظيم لبركان يقع اسفل مياه المحيط الهادئ , وهو بركان تونغا , كان ثوران هذا البركان عنيف لدرجة ان النفث والهباء الذي نتج عنه وشكل عامود من الدخان وصل الى ارتفاعات قياسية في الغلاف الجوي وامتزجت جزئيات ثاني اكسيد الكبريت So2 مباشرة مع الهواء , وسجل عامود الدخان الذي نتج عن هذا ثوران هذا البركان ارتفاعاً يعد الاعلى على الاطلاق .
وصلت جزئيات بخار الماء وثاني اكسيد الكبريت والمواد الاخرى الناتجة عن الانفجار الى طبقة الستراتوسفير وتركزت على ارتفاع ما بين 20 الى 30 كم كما نلاحظ في الصورة التالية :
الموجة الصدمية التي نتجت عن الانفجار كانت الأقوى على الاطلاق استناداً الى السجلات التاريخية , وأدت الى انخفاض الضغط الجوي في كامل الكرة الأرضية , كما انها جابت العالم عدة مرات وهي تسير بسرعة الصوت :
توضح الصورة التالية انخفاض الضغط الجوي لعدة مرات وبشكل ملحوظ وكبير نتيجة انفجار بركان تونغا والذي جعل الغلاف الجوي يرتجف كالجرس :
بعد هذا الثوران لبركان تونغا , نُشرت عدة دراسات تبحث اثر هذا الثوران على المناخ , وجلها اشارت الى انه سيؤدي الى انخفاض حرارة الأرض باستثناء دراسة واحدة , والتي كانت تشير الى ان بخار الماء الناتج عن ثوران بركان تونغا سيرفع من حرارة الأرض , ولك ان تتخيل عزيزي القارئ ان وسائل الإعلام تركت جميع الدراسات المرموقة واخذت تسوق للدراسة التي تسير مع توجهات الاحتباس الحراري المزعوم , ومع هذا تفاجئ العالم ان درجات الحرارة انخفضت في القطب الجنوبي لهذا العام بصورة غير مسبوقة خلال الاشهر الماضية والتي كانت تمثل اشهر الشتاء في النصف الجنوبي من الأرض , وانعكست نتائج التبريد الذي احدثه بركان تونغا بشكل ملحوظ على شتاء الدول التي تقع في نصف الارض الجنوبي , وعاشت كل من استراليا والقارة الامريكية الجنوبية وجنوب افريقيا احد اقوى وابرد فصول الشتاء على الاطلاق , تزامنت مع موجات برد كبيرة وتساقط ثلوج كبير تجاوز المعدلات في مختلف المناطق , وللعلم , فان الحرارة حالياً تسجل انخفاض غير مسبوق في دول الجنوب, فكان لبخار الماء الذي نتج عن ثوران البركان اثر كبير في حجب وعكس جزء من اشعة الشمس قبل ان تدخل الى طبقات الغلاف الجوي السطحية , فهل من المعقول ان يحبس بخار الماء اشعة الشمس وفي نفي نفس الوقت يسمح لها بالعبور صوب الأرض ؟!!! ام ان هذه الدراسة كانت تستخف بعقول الناس !!
ومن المتوقع حدوث تبريد قابل للقياس بصورة ملحوظة واعلى من المعدلات في الجزء العلوي من الستراتوسفير الجاف خلال الفترة المقبلة في النصف الشمالي من الأرض ، وهو ما تمكن الباحثون من إثباته قبل اسابيع بعد تسجيل تبريد واسع النطاق لطبقة الستراتوسفير فوق نصف الكرة الجنوبي .لقد وصل هذا التبريد في الستراتوسفير الآن إلى مستويات غير مسبوقة ، ويمكن أن ينتشر هذا التأثير في نصف الكرة الشمالي خلال الأشهر المقبلة مع دوران تيارات الرياح العالمية.
التأثير الأكبر من المتوقع ان يكون على سلوك ظاهرة تسمى تذبذب شمال الأطلسي (NAO) ، مما يزيد من الميل لتطوير مؤشر NAO نحو الايجابية. وهذا يعني أن فرق الضغط الجوي بين منطقة الضغط المنخفض بالقرب من آيسلندا ومنطقة الأزور المرتفعة سوف ينخفض ، مما يؤدي إلى حجب الكتل الهوائية القطبية عن الغرب الاوروبي , وتوجه الكتل الباردة بشكل مركز صوب وسط وشرق اوروبا , وهذا سيؤدي وبنتيجة حتمية نمطية الى تدفق الهواء البارد بصورة اعلى من المعتاد خلال اشهر الشتاء 12 و 1 و 2 صوب بلاد الشام واجزاء من بلاد المغرب العربي , وسيخلق شتاء شديد البرودة بمشيئة الله تعالى, لذلك , استعدوا لشتاء بارد .
حمل تطبيق المركز العربي للمناخ لتصلك اخر اخبار الطقس ولمعرفة حالة الطقس في منطقتك ل 14 يوم مجاناً .. لتحميل تطبيق المركز العربي للمناخ اضغط هنا
