المركز العربي للمناخ – حصري – المهندس احمد العربيد
منذ سنوات ونحن نتابع اوضاع الشمس ونقوم بمراقبة سلوكها بصورة مستمرة خصوصاً بعد ان كانت الدورة الشمسية الماضية والتي تحمل الرقم 24 ضعيفة للغاية مما جعل الكثير من العلماء يطلقون تحذيرات باننا وشيكون على دخول عصر جليدي مصغر , لاسيما ان مختلف النماذج التي تقيس النشاط الشمسي اشارت في تنبؤاتها الى ان الدورة الشمسية الحالية والتي تحمل الرقم 25 ستكون ضعيفة ايضاً, مما يجلعنا معرضون لظروف مشابهة كانت قد مرت بها الشمس قبل حوالي اكثر من قرن من الان .
نستدل الى قوة النشاط الشمسي من خلال قياس عدد البقع الشمسية التي تظهر على سطح الشمس والتي يتم رصدها من قبل مراكز متخصصه مثل وكالة ناسا على سبيل المثال , وكلما زاد عدد البقع الشمسية كلما كانت كمية الاشعاع الشمسي التي تصل الى الارض اعلى وبالتالي ترتفع الحرارة كنتيجة طبيعية لهذا السلوك , والعكس صحيح , فكلما قل عدد البقع الشمسية تقل كمية الاشعاع التي تصل الارض فتنخفض حرارة الكوكب بالكامل .
في الفترة الممتدة من عام 1880 وحتى عام 1914 , ونتيجة لانخفاض عدد البقع الشمسية ( انخفاض النشاط الشمسي ) لثلاثة دورات شمسية متتالية ( كل دورة شمسية 11 عام ) فقد انخفضت حرارة الارض بمقدار درجة ونصف الى درجتين مئويتين , وهذا بدوره ادى الى دخول الارض بما يعرف بالعصر الجليدي المصغر او الحقبة الباردة , ففي هذه الفترة عانا سكان كوكبنا من انتشار موجات البرد التي ادت الى دمار الكثير من المحاصيل الزراعية وانتشار الامراض والاوبئة نتيجة البرد الشديد والتغيرات المناخية الخطيرة .
تؤدي التغيرات في درجات الحرارة الى خلق منظومة جوية متطرفة للغاية , ينتج على اثرها سلوك غريب للفصول الاربعة , فتحدث الازاحة الموسمية والمقصود بها حدوث موجات البرد او الحر في اوقات غير معتادة , وهذا ان حدث خلال الفترة الحالية سيؤدي الى تفاقم ازمة المناخ العالمية التي تعاني منها الارض حالياً . فمن المعروف ان التغيرات المناخية تعتبر شديدة التأثير وخطيرة للغاية وذلك استناداً الى الدراسات التي اجريت على حلقات الاشجار ونظار الكربون والتي نتستنج من خلالها الى ان التغيرات المناخية الطبيعية التي مرت على الارض كانت فتاكة بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
في بداية كل شهر , تبدأ النماذج المتخصصة في مجال رصد الشمس بانتاج التقارير التي تبين سلوك النشاط الشمسي خلال الاشهر الماضية , وهنا استوقفنا تقرير مركز تحليل بيانات التأثيرات الشمسية Solar Influences Data analysis Center (SIDC) الصادر قبل ايام قليلة , والذي اشار الى انخفاض ملحوظ في النشاط الشمسي خلال الشهر الماضي ( ابريل ) , بحيث ان عدد البقع الشمسية التي تم رصدها كان قليل للغاية ( اقل من 120 بقعة ) مقارنة بالمعدل العام ( 200 بقعة ) , في الوقت الذي من المفترض فيه ان ندخل ذروة النشاط الشمسي في الدورة الشمسية الحالية والتي تحمل الرقم 25 كما نلاحظ في الصورة التالية :
هذه المؤشرات حقيقة تؤكد التنبؤات في ان تكون الدورة الشمسية الحالية ( 25 ) مشابهة لسابقتها ( 24 ) مما يجعلنا امام دورتين شمسيتين منخفضتي النشاط , وهذا يذكرنا بما حصل قبل اكثر من 100 عام عندما انخفضت حرارة الارض ودخلت في حقبة التبريد ( العصر الجليدي المصغر ) نتيجة انخفاض النشمسي لدورتين متتاليتين .
في حال استمرار انخفاض النشاط الشمسي على هذا الشكل , فاننا مقبلون على تغيرات مناخية حادة وملحوظة بصورة اكبر من السابق , على الرغم من المؤشرات حالياً تبين الى ان الارض تعاني من تغيرات مناخية , فان هذا السلوك الشمسي سيفاقم من ازمة المناخ مما يؤدي الى اثار تدميرية وشيكة خلال السنوات المقبلة وبصورة تصاعدية , فسنلاحظ زيادة في قوة العواصف والاعاصير حول العالم تزامناً مع حدوث ازاحة موسمية تغير طبيعة الفصول الاربعة وتوقيت بدايتها ونهايتها , وكنتيجة لذلك نتوقع ان يتأثر القطاع الزراعي بصورة مباشرة بهذا الحدث مما يزيد من المخاوف التي تهدد الامن الغذائي العالمي , بالاضافة الى زيادة مستويات خطر الفيضانات والعواصف الثلجية والجفاف في بعض المناطق حول العالم نتيجة التقلبات الحرارية الحادة تزامناً مع انقلاب انظمة الضغط الجوي السائدة والطبيعية .
والله تعالى دائماً اعلى واعلم
المهندس احمد العربيد
المراجع :
https://www.sidc.be/silso/ssngraphics
https://www.swpc.noaa.gov/phenomena/sunspotssolar-cycle
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7575229
https://www.nature.com/articles/s41598-021-84830-5