المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد
لم تفق إسبانيا بعد من آثار الفيضانات العنيفة التي اجتاحتها مؤخرًا، والتي أودت بحياة عشرات الأشخاص وتركت العديد من المفقودين، فضلاً عن مئات المصابين وأضرار جسيمة بالبنية التحتية، خصوصًا في فالنسيا، التي شهدت تساقط أمطارٍ تعادل الموسم الكامل خلال 48 ساعة فقط.
في ظل هذا الموسم غير المعتاد الذي تميز بأحداث مناخية نادرة منذ بدايته، تشير البيانات إلى أن إسبانيا على وشك التعرض لكتلة هوائية باردة جديدة ومنخفض جوي ماطر بغزارة . وما يميز هذه الحالة الجوية هو المسار غير المألوف للكتلة الهوائية الباردة والمنخفض الجوي، مما يزيد من احتمالية تأثيرها على المناطق المتضررة مسبقًا بشكل غير متوقع ونادر الحدوث.
خلال فصل الشتاء، تتحرك منظومة الرياح العامة في النصف الشمالي من الأرض من الغرب إلى الشرق، حيث تتبع الأحواض والكتل الهوائية الباردة هذا المسار حول الدوامة القطبية الشمالية. تهبط الكتل الباردة لتؤثر على العروض الوسطى والدنيا ثم تتجه بالاتجاه الشمالي الشرقي لتعود إلى الدوامة القطبية مرة أخرى.
إلا أن الكتلة الهوائية الباردة المتوقعة أن تصل إلى إسبانيا بعد حوالي 48 ساعة من وقت كتابة هذا التقرير ستسلك مسارًا نادرًا وغير معتاد. من المتوقع أن تتوجه كتلة هوائية باردة على شكل حوض مغلق من الدول الإسكندنافية، متجاوزة حاجز المرتفع الجوي الأوزوري، لتتحرك جنوب غرب مباشرة نحو إسبانيا وبمسار غير معتاد :
تمركز المرتفع الجوي في غرب أوروبا بالتزامن مع تواجد مرتفع آخر فوق روسيا، أدى إلى تشكّل منطقة تشبه الممر بين المرتفعين الجويين، مما ساهم في نشوء هذه المنظومة الجوية غير المعتادة التي ستوجه الكتلة الهوائية الباردة مباشرة نحو إسبانيا.
من المتوقع أن تتعرض إسبانيا لهطولات مطرية رعدية غزيرة، ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الناجمة عن الفيضانات التي تعاني منها حاليًا. استمرار الهطولات الكثيفة سيزيد من مخاطر الفيضانات في المناطق المتضررة، مما يجعل الوضع أكثر صعوبة ويضاعف من تحديات التعافي السريع من آثار الأحوال الجوية القاسية.
والله اعلى واعلم
المهندس احمد العربيد