المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد

الفيضانات الوميضية (Flash Floods) هي ظاهرة طبيعية قد تحدث بشكل مفاجئ وخلال فترة زمنية قصيرة. تختلف هذه الفيضانات عن الفيضانات التقليدية بسرعة تشكّلها وقوة تدفقها، ما يجعلها خطيرة ويصعب التنبؤ بها. تنتج هذه الفيضانات عادةً عن هطول أمطار غزيرة على مناطق ذات تضاريس معينة، أو بسبب تجمع المياه بعد عاصفة مفاجئة، وتُعَدُّ من الكوارث الطبيعية التي تهدد الأرواح والممتلكات، لا سيما في المناطق الحضرية والمناطق ذات التضاريس الصخرية.

تعريف الفيضانات الوميضية

تُعرف الفيضانات الوميضية بأنها فيضانات تحدث بشكل مفاجئ وسريع وتتميز بتدفق المياه بقوة وعنف خلال دقائق أو ساعات قليلة بعد بدء الهطول المطري. وتتسم بعدم القدرة على التنبؤ المسبق بها، مما يجعلها خطرًا داهمًا على سكان المناطق المتضررة. تكون هذه الفيضانات غالبًا قصيرة الأجل لكنها ذات تأثير قوي، حيث تدمر الطرق والجسور، وتؤدي إلى انقطاع الكهرباء والماء، وتسبب تلوث البيئة.

أسباب الفيضانات الوميضية

يمكن تصنيف أسباب الفيضانات الوميضية إلى أسباب طبيعية وأسباب ناتجة عن الأنشطة البشرية. فيما يلي أهمها:

الأسباب الطبيعية:

الهطول المطري الكثيف: تُعد الأمطار الغزيرة التي تتساقط على مدى قصير السبب الرئيسي للفيضانات الوميضية. يمكن أن تتسبب السحب الركامية في هطول مطري كثيف يرفع منسوب المياه بشكل سريع.

التضاريس الوعرة: تعد المناطق الجبلية والوديان المناطق الأكثر عرضة للفيضانات الوميضية؛ حيث تتدفق المياه بشكل سريع في هذه المناطق بسبب انحدار التضاريس.

ذوبان الثلوج: في بعض المناطق، يمكن أن يتسبب ذوبان الثلوج المتسارع خلال فصلي الربيع والصيف في ارتفاع منسوب المياه وحدوث الفيضانات.

الأسباب البشرية:

التوسع العمراني العشوائي: يؤدي البناء في الأودية وتطوير المناطق الحضرية إلى تقليل قدرة الأرض على امتصاص مياه الأمطار، مما يسهم في حدوث الفيضانات الوميضية.

التصريف غير الملائم للمياه: يعد عدم وجود نظام صرف صحي مناسب عاملًا مساعدًا لتجمع المياه بشكل كبير، وخاصة في المناطق الحضرية.

إزالة الغابات والتوسع الزراعي: تؤدي إزالة الغابات إلى تقليل امتصاص المياه من قبل التربة وزيادة احتمالية تدفق المياه بسرعة نحو المناطق السكنية.

تأثير الفيضانات الوميضية

تترك الفيضانات الوميضية أثرًا كبيرًا على البيئة والبشر والاقتصاد. إليك أبرز هذه التأثيرات:

التأثير على البنية التحتية: قد تدمر الفيضانات الوميضية الطرق والجسور والمباني والمرافق العامة. تتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة قد تستغرق سنوات للتعافي منها.

الخسائر البشرية: تسبب الفيضانات الوميضية خسائر في الأرواح، حيث قد يفاجأ الأفراد بتدفق المياه بشكل سريع ولا يتمكنون من الهرب في الوقت المناسب. تتزايد الخسائر البشرية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أو البنية التحتية الهشة.

التأثير البيئي: تؤدي الفيضانات الوميضية إلى تدمير الغطاء النباتي وانجراف التربة. كما تساهم في تلوث مصادر المياه الجوفية وتدمر المواطن الطبيعية للحيوانات.

التأثير الاقتصادي: تتسبب الفيضانات في تعطيل الأعمال وتكبد الدولة خسائر اقتصادية هائلة تتعلق بأعمال الترميم وإعادة البناء. كما تؤدي إلى تكاليف عالية للرعاية الصحية، حيث تنتشر الأمراض نتيجة لتلوث المياه.

كيفية التخفيف من آثار الفيضانات الوميضية

للحد من الأضرار الناتجة عن الفيضانات الوميضية، يجب اتخاذ إجراءات وقائية وبرامج للتصدي لهذه الظاهرة. من بين هذه الحلول:

بناء بنية تحتية مقاومة للفيضانات: تشمل هذه الحلول تطوير شبكات الصرف الصحي وبناء السدود والخزانات لتخزين المياه الزائدة ومنع تراكمها.

التخطيط العمراني المدروس: يجب وضع مخططات للمدن تأخذ في عين الاعتبار خطورة الفيضانات، وتمنع التوسع العمراني في المناطق المهددة بالفيضانات. من الضروري توجيه الأنشطة العمرانية بعيدًا عن مجاري الأودية.

التوعية المجتمعية: يجب تنفيذ برامج توعية تثقف السكان حول أخطار الفيضانات وكيفية التصرف في حال حدوثها. تشمل هذه البرامج تعليم السكان كيفية الإجلاء الآمن وتجنب المناطق الخطرة.

استخدام أنظمة الإنذار المبكر: تساهم التكنولوجيا الحديثة، مثل الأقمار الصناعية والرادارات، في التنبؤ بالأحوال الجوية وتحذير السكان في المناطق المعرضة للفيضانات قبل حدوثها. يعد الإنذار المبكر أداة مهمة لتقليل الأضرار البشرية والمادية.

إعادة تأهيل الموارد الطبيعية: من الضروري الاهتمام بإعادة تأهيل الغابات والمحافظة على النباتات التي تساهم في امتصاص مياه الأمطار. يساعد الغطاء النباتي في منع انجراف التربة وتقليل سرعة تدفق المياه.

دور التقنيات الحديثة في إدارة الفيضانات الوميضية

تسهم التكنولوجيا في التخفيف من آثار الفيضانات الوميضية من خلال تطوير أدوات متقدمة للرصد والتنبؤ وتقديم نماذج متطورة لمحاكاة الفيضانات. من أهم التقنيات المستخدمة:

الاستشعار عن بعد: يستخدم لقياس معدلات الأمطار وتحليل سعة التضاريس لاستيعاب المياه.

أنظمة الإنذار الآلي: التي تعتمد على رادارات الطقس ومعلومات الأقمار الصناعية لإرسال إشعارات سريعة للسكان المعرضين للخطر.

تحليل البيانات الضخمة (Big Data): يساهم في تحليل بيانات الطقس على مدار السنوات الماضية، مما يسمح بوضع خطط إدارة شاملة للمناطق الأكثر تعرضًا للخطر.

شارك: