المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد

هل تتذكرون “الصورة الأولى” المذهلة للثقب الأسود في مركز مجرة درب التبانة المعروف باسم الرامي A (Sgr A*)؟ قد لا تكون الصورة دقيقة تماماً، وفقاً للباحثين في المرصد الفلكي الوطني الياباني (NAOJ).

تشير الدراسات الحديثة إلى أن القرص المحيط بالثقب الأسود قد يكون أكثر استطالة، بدلاً من الشكل الدائري الذي تم تصويره في عام 2022.

اعتمد العلماء في المرصد الفلكي الوطني الياباني طرق تحليل جديدة لمعالجة بيانات Sgr A التي تم جمعها في البداية من قبل فريق “تلسكوب أفق الحدث” (EHT)، والذي يجمع بياناته من شبكة مكونة من ثمانية تلسكوبات راديوية أرضية. وأظهرت التحليلات الأصلية هيكلاً مشرقاً على شكل حلقة محيطة بمنطقة مظلمة في المركز.

لكن التحليل الجديد الذي أسفر عن شكل مختلف يشير إلى تغييرات محتملة في حركة وتوزيع المادة داخل القرص.

تفسير الاختلافات في بيانات “التلسكوب الراديوي التداخلي”

للحصول على صورة من بيانات الراديو التداخلية، يتطلب الأمر تحليلاً معقداً للغاية. ويؤكد العالم الفلكي مييوشي ميكاتو من NAOJ أن الشكل الدائري الظاهر قد يكون نتيجة لطريقة بناء الصورة.

وأشار ميكاتو: “نفترض أن صورة الحلقة نتجت عن أخطاء خلال عملية تحليل الصور الخاصة بتلسكوب أفق الحدث، وأن جزءًا منها كان في الواقع نتاج خلل في المعالجة، وليس هيكلاً فلكياً حقيقياً”.

الشكل المحتمل للثقب الأسود وفقاً للتحليل الجديد

يقول ميكاتو حول صورة الرامي A المعاد تحليلها: “الصورة لدينا مستطيلة قليلاً في الاتجاه الشرقي-الغربي، والنصف الشرقي أكثر سطوعاً من النصف الغربي”.

ويعتقد العلماء أن هذه الصورة تشير إلى أن القرص المحيط بالثقب الأسود يدور بسرعة تصل إلى نحو 60٪ من سرعة الضوء.

يمتلئ القرص المحيط بمواد شديدة السخونة التي تدور حول الثقب الأسود ذو الكتلة التي تعادل 4 ملايين ضعف كتلة الشمس. تتسبب الاحتكاكات وتأثير المجالات المغناطيسية في تسخين المواد، ما يؤدي إلى توهجها غالباً بالأشعة السينية والضوء المرئي، وإصدار إشارات راديوية.

العوامل المؤثرة على شكل القرص المحيط

تؤثر العديد من العوامل على شكل القرص المحيط، بما في ذلك دوران الثقب الأسود ذاته، ومعدل الانجذاب أو تراكم المادة نحو القرص، وكذلك الزخم الزاوي للمادة. وتعمل جاذبية الثقب الأسود على تشويه منظورنا للقرص المحيط، مما يشبه تشوهات المرايا المقعرة في المنازل المرحة.

لماذا ظهرت صور مختلفة للثقب الأسود؟

يتساءل البعض عن كيفية توصل الفرق العلمية إلى صور مختلفة لـالرامي A باستخدام نفس البيانات. يوضح مييوشي أن “لا يوجد تلسكوب يستطيع التقاط صورة فلكية مثالية”. في حالة “تلسكوب أفق الحدث”، كان هناك نقص في بعض أجزاء البيانات، ما استدعى العلماء لاستخدام تقنيات خاصة لملء تلك الفجوات وإنشاء صورة كاملة، وهو ما أدى إلى ظهور صورة “الثقب الأسود المستدير”.

في ورقة بحثية نشرها فريق مييوشي، يقترح الفريق أن صورة الحلقة التي ظهرت في عام 2022 كانت بسبب مشكلة في وظيفة الانتشار النقطي (PSF) لبيانات التلسكوب.

تصف وظيفة الانتشار النقطي كيفية معالجة النظام البصري لنقطة المصدر التي يراقبها، وهي وظيفة تساعد في قياس مقدار التشويش الناجم عن العيوب في البصريات أو في هذه الحالة عن نقص البيانات التداخلية.

وأجرى فريق NAOJ إعادة تحليل للبيانات باستخدام طريقة رسم خرائط مختلفة لتخطي الفجوات في البيانات، ما أسفر عن شكل مستطيل لقرص Sgr A.

الخطوة التالية: توسيع المعرفة حول قرص التراكم المحيط بـالرامي A

من المؤمل أن تساهم إعادة التحليل هذه في تحسين فهمنا لشكل قرص التراكم المحيط بثقب Sgr A. إن الدراسة التي قام بها فريق تلسكوب أفق الحدث كانت المحاولة الأولى لرسم خريطة مفصلة للمنطقة حول الثقب الأسود.

يعمل اتحاد تلسكوب أفق الحدث على تحسين تقنيات التصوير التداخلي لتقديم صور أدق، مما سيؤدي في النهاية إلى رؤى أوضح.

شارك: