المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد
اثارت دراسة حديثة نشرت مؤخراً في مجلة SCIENCE ADVANCES المخاوف مجدداً من احتمالية توقف تيار الخليج المحيطي الذي يجلب الدفئ الى اجزاء واسعة من اوروبا في النصف الشمالي من الأرض وذلك على اثر ذوبان الانهار الجليدية بشكل متسارع .
تيار الخليج الدافئ هو تيار مائي ينتج نتيجة لتأثيرات الرياح والتسخين الشمسي على سطح المحيط. يتكون هذا التيار من تيارات مائية دافئة تندفع من خليج المكسيك عبر مضيق فلوريدا ويمتد عبر الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية باتجاه الشمال الشرقي. يؤدي وجود هذا التيار إلى تسخين المناطق المجاورة له وتأثيراته البيئية على المناخ والحياة البحرية في تلك المناطق.
يقول العلماء , في غضون سنوات قليلة، يمكن أن يؤدي ذوبان الأنهار الجليدية إلى توقف تيار الخليج، النظام الذي يجلب الحرارة إلى نصف الكرة الشمالي.
بدون هذا المصدر الإضافي للحرارة، قد تنخفض درجات الحرارة لعدة درجات في أمريكا الشمالية، وبعض مناطق آسيا وأوروبا، وسيعاني الناس “عواقب خطيرة حول العالم”.
يحذر العلماء من أن توقفًا مفاجئًا لتيارات المحيط الأطلسي يبدو الاحتمال الاكثر حدوثاً من أي وقت مضى، حيث تشير محاكاة النماذج الحاسوبية إلى أن نقطة تحول “تشبه الانهيار ” قد تقترب في المستقبل القريب في نظام تيار المحيط الدافئ.
لا يعرف مؤلفو الدراسة، من جامعة أوترخت (هولندا)، بالضبط متى سيحدث الانهيار، على الرغم من أن دراسة سابقة توقعت حدوث الانهيار هذا في عام 2025 ( العام المقبل ).
“نحن نقترب من الانهيار، لكننا لسنا متأكدين إلى أي مدى”، يقول الباحث الرئيسي رينيه فان ويستين، عالم مناخ ومحيطات في جامعة أوترخت.
ويؤكد العالم قوله باننا “في طريقنا نحو نقطة تحول”.
وفقًا لتيم لنتون، أستاذ تغير المناخ في جامعة إكستر، الذي لم يشارك في الدراسة، “تظهر الأبحاث بشكل مقنع أن دوران مياه الاطلسي تقترب من نقطة تحول، استنادًا إلى مؤشر تحذير مبكر قوي ومبني على أساس فيزيائي”.
في حال حدوث هذا الانهيار في تيار الخليج الدافئ , فان درجات الحرارة ستهوي بشكل كبير للغاية في الكثير من المناطق كما اشرنا سابقاً , فعلى سبيل المثال , مدينة لندن البريطانية ستكون احد ابرز المدن تضرراً , وستتحول الى مدينة متجمدة نظراً لوقوعها في خطوط عرض قطبية ( عروض عليا ) , وما يمنع حدوث هذا الوضع هو تيار الخليج الدافئ الذي يغذي هذه المدينة باستمرار بالدفئ.
عمليات المحاكاة الحاسوبية تشير ايضاً الى ان انقلاب في نظام المناخ سيطال مختلف المناطق التي تقع في النصف الشمالي من الأرض ومنها البلاد العربية , فعلى سبيل المثال يعتمد نظام المناخ في بلاد الشام وشمال افريقيا على نشاط العواصف الاطلسية التي تتحكم بجزء كبير من طقس المنطقة , وفي حال ضعف او توقف هذه العواصف ستكون النتيجة ارتفاع كبير في عدد النزولات القطبية ذات المصدر الشمالي الشرقي البارد صوب البلاد نتيجة لارتفاع الضغط فوق المحيط الاطلسي .
تبقى هذه الدراسات حتى هذه اللحظة مؤشرات عامة , ولكن قد تختلف الامور على ارض الواقع .
والله اعلى واعلم
المهندس احمد العربيد
المركز العربي للمناخ