المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد
لازالت الارض تعاني من تبعات ثوران بركان هونغا تونغا الهائل الذي حدث اسفل مياه المحيط الهادئ بتاريخ 15-يناير-2022 , فلقد حقن هذا البركان الغلاف الجوي بكميات كبيرة جداً من بخار الماء على عكس الثورانات البركانية الاخرى التي تثور على اليابسة وتحقن الغلاف الجوي بثاني اكسيد الكبريت So2 الذي يؤدي الى تبريد الكوكب.
تكمن المعضلة في هذا الحدث ان بخار الماء يعتبر من اكثر الغازات الدفيئة تأثيراً على الكوكب , فمن المعروف ان بخار الماء يسمح بدخول الاشعة فوق البنفسجية من خلاله مما يعني وصولها الى الارض وتسخينها , وبالتالي وعند انعكاس هذه الاشعة والتي تكون على شكل اشعة تحت حمراء يعمل بخار الماء على عكسها مرة اخرى الى الارض ولا يسمح بنفاذها الى الفضاء , مما يؤدي الى رفع حرارة الهواء والماء واليابسة بشكل ملحوظ على كوكبنا .
ادى ثوران بركان هونغا تونغا الى حقن طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي بأكثر من 150 مليون طن من بخار الماء دفعة واحدة , وهذا يعني ان كميات بخار الماء زادت عن المعدلات الطبيعية في غلافنا الجوي بحوالي 10-30% عن المعدلات الطبيعية كما يظهر المخطط التالي من وكالة ناسا :
وعلى الرغم من ان كميات بخار الماء الزائدة عن المعدلات حالياً اقل من العام الماضي الا ان الكميات المتواجدة حالياً كبيرة وتتجاوز معدلاتها الطبيعية بكثير.
تسببت عمليات دوران الرياح في طبقتي التروبوسفير والستراتوسفير عالمياً بتوزيع كميات بخار الماء سابقة الذكر الى مختلف المناطق على كوكبنا , مما ادى مؤخراً الى رفع حرارة مياه البحار والمحيطات لمستويات قياسية كانت نتائجها زيادة كميات الهطول المطري عالمياً خلال العام 2023 , وعلى الرغم من ان بخار الماء يتحول الى هطول بشكل سريع مع مرور الوقت , الى ان التوقعات مازالت تشير الى ان الفترة المقبلة وخصوصاً النصف الاول من موسم الشتاء المقبل سيكون تحت تأثير ارتفاع معدلات بخار الماء .
خلال الاسبوع الماضي , ونتيجة للاحترار الكبير الذي تتعرض له مياه المحيط الاطلسي الشمالي , تولد اعصار بيريل الذي صنف كاعصار من الدرجة الخامسة على مقياس سمسون للاعاصير , محطماً كافة الارقام القياسية لمثل هذا الوقت من العام كونه اعلن عن انطلاق موسم الاعاصير بشكل مبكر للغاية تزامناً مع قوته الكبيرة والغير معتادة لمثل هذا الوقت , وكان ذلك بسبب ارتفاع حرارة مياه الاطلسي لمستويات كبيرة مما ادى الى نشوء طاقة حرارية عملت على تغذية الاعصار بشكل كبير .
قبل حدوث عاصفة دانيال في البحر الابيض المتوسط العام الماضي 2023 والتي تسببت بكارثة درنة في ليبيا , قمنا في المركز العربي للمناخ باصدار تحذيرات قبل شهر من هذه الحادثة مضمونها ان مياه البحر الابيض المتوسط تعاني من احترار كبير مما سيزيد من خطر نشوء العواصف والاعاصير المتوسطية , وهذا ما حدث في حينه فلقد ادت كتلة هوائية اقل برودة من احداث فرق حراري كبير مع مياه البحر الابيض المتوسط المحتر ونشوء العاصفة سابقة الذكر .
ومن هذا المنطلق واستناداً الى البيانات الجوية والمناخية فاننا نجدد التحذيرات من خطر نشوء عواصف قوية ومتطرفة عالمياً ويشمل هذا التحذير بلادنا العربية ولنفس السبب الذي ذكر اعلاه ,هذا وقد تنتج حالات جوية متطرفة من عدم الاستقرار الجوي في المناطق البعيدة عن المصطحات المائية ايضاً , وذلك بفعل انتقال بخار الماء علوياً الى هذه المناطق مما يزيد من شدة الاضطرابات الجوية .
كما ان فرص نشوء الاعاصير في النصف الشمالي من الارض قد تتضاعف احصائياً خلال الفترة المقبلة , وهذا من شأنه ان يزيد من المخاطر التدميرية للكوارث المناخية.
هذا والله تعالى اعلى واعلم
المهندس احمد العربيد
المركز العربي للمناخ

توقعات بزيادة كميات الهطول عالمياً وفرص تشكل الاعاصير والعواصف ترتفع
شارك: