المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد
تشير البيانات الحالية إلى استمرار سلوك غير معتاد للدوامة القطبية الشمالية، وهو سلوك نادر في هذا الوقت من العام. يتمثل هذا السلوك في ارتفاع مؤشر تذبذب القطب الشمالي (AO) الى قيم متطرفة مثل التي تحدث في عمق فصل الشتاء، هذا المؤشر يُستخدم للتعبير عن حالة الضغط الجوي فوق القطب الشمالي. فعندما يكون المؤشر إيجابيًا، يعني ذلك انخفاضًا ملحوظًا في الضغط الجوي فوق القطب، أما عندما يتجه المؤشر نحو السلبية، فهذا يدل على ارتفاع الضغط فوق القطب.
آثار التغيرات في مؤشر تذبذب القطب الشمالي:
- المؤشر الإيجابي: عندما ينخفض الضغط الجوي فوق القطب الشمالي ويصبح المؤشر إيجابيًا، يتجه الهواء البارد نحو القطب، مما يؤدي إلى استقرار الكتل الهوائية الباردة في المناطق القطبية وابتعادها عن العروض الوسطى والدنيا مع حدوث انتظام في شكل التيار القطبي النفاث.
- المؤشر السلبي: عندما يرتفع الضغط فوق القطب الشمالي، يتسبب ذلك في رحيل الهواء البارد من القطب نحو الجنوب، أي إلى العروض الوسطى والدنيا، مما يؤدي إلى انتشار موجات برد أكبر في النصف الشمالي من الكرة الأرضية مع حدوث تموج في التيار النفاث.
الوضعية المثالية إحصائيًا:
أظهرت الدراسات أن أفضل وضعية لضمان انتقال الهواء البارد بشكل مثالي إلى العروض الوسطى والدنيا ( حيث تتواجد بلادنا العربية ) هي بقاء مؤشر تذبذب القطب الشمالي في نطاق بين الإيجابية والسلبية الخفيفة، أي في مرحلة التعادل. هذه الحالة تسمح بوصول الكتل الهوائية الباردة إلى المناطق البعيدة عن القطب الشمالي بشكل أكبر، خاصة مع تواجد مرتفعات جوية في مواقع معينة تُوجه الهواء البارد نحو مناطق محددة.
تشير التوقعات إلى احتمال أن يتجه معامل تذبذب القطب الشمالي (AO) نحو نطاق التعادل (الإيجابية الخفيفة إلى السلبية الخفيفة) مع نهاية الثلث الأول وبداية الثلث الثاني من الشهر الجاري (نوفمبر)، بمشيئة الله تعالى. هذا الوضع، إن تحقق، يزيد من فرص وصول الكتل الهوائية الباردة إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، مما يعزز احتمالات نشوء منخفضات جوية تؤثر على مناطق بلاد الشام، مصر، العراق، شمال السعودية، وبلاد المغرب العربي، وعلى فترات متقطعة.
نظرًا لاحتمالية استمرار هذا الوضع لفترة طويلة، فإن المناطق المذكورة قد تشهد تأثيرات تؤدي الى تشكل منخفضات الجوية، ما قد يزيد من فرص هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، مع تعزيز نشاطات جوية شتوية معتادة لهذه الفترة من العام.
بدأت نماذج الطقس باستشعار التأثيرات المحتملة للوضعية المتوقعة لمعامل تذبذب القطب الشمالي (AO). وتشير هذه النماذج إلى احتمالية اقتراب كتل هوائية باردة من البحر الأبيض المتوسط مع بداية الثلث الثاني من الشهر، حيث يُتوقع أن تؤثر على المناطق الشرقية والغربية للبحر المتوسط في وقت واحد.
هذا النمط قد يؤدي إلى نشوء أنظمة منخفضة الضغط، ما يزيد من فرص هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة في مناطق بلاد الشام، مصر، العراق، شمال السعودية، وبلاد المغرب العربي. استمرار هذه الوضعية قد يسهم في تعزيز النشاط الجوي الشتوي ويزيد من احتمالية تشكّل موجات برد في مناطق واسعة من حوض البحر المتوسط وصولاً للدول المحيطة والقريبة من هذا الحوض.
وبوجه عام، تتطلب هذه المؤشرات الإيجابية متابعة دقيقة ومستمرة، حيث تبقى احتمالية حدوث تغييرات في القيم الجوية قائمة. قد يؤدي أي تغيير في المؤشرات إلى اختلافات في حركة الكتل الهوائية ومساراتها، مما يستدعي مراقبة مستمرة من أجل تقديم توقعات دقيقة وموثوقة للمناطق المتأثرة.
اضغط هنا للتحميل
والله اعلى واعلم