المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد
على مدى الفترة الماضية، قمنا برصد وتحليل سلوك الدوامة القطبية الشمالية والعوامل المؤثرة فيها، وأشرنا في عدة تقارير سابقة إلى أن هذه الدوامة الحالية تعتبر من بين الأقوى خلال العقد الأخير، نظراً لاحتوائها على كميات هائلة من البرودة التي تتجاوز المعدلات المناخية المعتادة.
موجات برد قياسية وتأثيراتها العالمية
كما توقعنا سابقًا، امتدت موجات البرد القوية بشكل تدريجي إلى عدة مناطق حول العالم، حيث:
ضربت الولايات المتحدة وشرق آسيا عواصف برد شديدة خلال الأسابيع الماضية، أدت إلى تحطيم العديد من الأرقام القياسية.
شهدت ولايات غير معتادة على الثلوج مثل تكساس وفلوريدا تساقطًا ثلجيًا نادرًا، رغم أنها تُصنف ضمن المناطق شبه المدارية والدافئة.
انخفاض قياسي في درجات الحرارة فوق القطب الشمالي
نتيجة للتبريد المستمر والشديد الذي تعاني منه الدوامة القطبية، سجلت اليوم درجة حرارة غير مسبوقة في السجلات المناخية لوكالة ناسا عند مستوى 50 هيكتوباسكال في طبقة الستراتوسفير فوق القطب الشمالي، حيث انخفضت الحرارة إلى مستويات غير معهودة، مما يعكس قوة هذه الدوامة واستمرار تأثيرها العميق على أنظمة الطقس العالمية:
مع استمرار الانخفاض غير المسبوق في درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير فوق القطب الشمالي، من المتوقع أن نشهد تأثيرات واضحة خلال الفترة القادمة، تتمثل في:
موجات برد أقوى وأكثر انتشاراً: من المتوقع أن تزداد حدة موجات البرد واتساع رقعتها، مما قد يؤدي إلى تسجيل درجات حرارة قياسية جديدة في العديد من المناطق في النصف الشمالي من الأرض.
امتداد فصل الشتاء وتأخر دخول الربيع: تشير التوقعات إلى احتمالية مرتفعة لاستمرار الحالات الجوية الشتوية لفترة أطول من المعتاد، بحيث تمتد إلى فصل الربيع بشكل ملحوظ، مما قد يعني المزيد من المنخفضات الجوية وتساقط الثلوج حتى أشهر متأخرة من الموسم.
تراجع تأثيرات بركان هونغا تونغا وانعكاساته على المناخ
إضافةً إلى التطورات المناخية الحالية، بدأت تظهر ملامح جوية هامة في مختلف طبقات الغلاف الجوي، حيث تم رصد اختفاء تدريجي لتأثيرات ثوران بركان هونغا تونغا، الذي كان له دور بارز في رفع حرارة الكوكب خلال الفترة الماضية.
كيف أثّر ثوران هونغا تونغا على المناخ؟
أدى ثوران البركان إلى ضخ كميات هائلة من بخار الماء في طبقة الستراتوسفير، وهو أحد أقوى الغازات الدفيئة.
تسبب ذلك في ارتفاع درجات الحرارة عالميًا نتيجة لزيادة تأثير الاحتباس الحراري.
الملامح الجديدة وتأثيرها على الطقس العالمي
تشير الملاحظات الحديثة إلى تلاشي تدريجي لتأثيرات هذا الثوران، مما قد يساهم في عودة التوازن الحراري للغلاف الجوي.
هذا التراجع في التأثير، بالتزامن مع الدوامة القطبية القوية، قد يدعم استمرار الطقس البارد لفترة أطول ويعزز فرص موجات برد قوية خلال الأشهر القادمة.
الصورة المرفقة توضح هذا التغير :
هذا والله تعالى اعلى واعلم