المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد

خلال الفترة الماضية، كانت الدوامة القطبية الشمالية تمر بما يُسمى “الطور السلبي”، حيث ارتفع الضغط الجوي فوقها، مما أدى إلى ابتعاد الهواء البارد عن الدوامة. هذا التغير في الضغط ساهم في ارتخاء الضغوط الجوية حول الكتل الهوائية الباردة، مما سمح بانتقال أجزاء كبيرة من الهواء القطبي البارد إلى العروض الوسطى وبعض العروض الدنيا.

نتيجة لذلك، انتشرت موجات البرد بشكل واسع، حيث وصلت إحدى الكتل الهوائية الباردة جداً إلى الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط قبل أيام. هذا الحدث أدى إلى تشكل موجة برد مبكرة ونادرة في المنطقة، بالإضافة إلى تطور منخفض جوي ساهم في هطول الأمطار في معظم مناطق الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان، وكذلك أجزاء من العراق ومصر والسعودية. كما شهدت هذه المناطق انخفاضاً حاداً في درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي، مما أدى إلى تشكل الجليد والصقيع في العديد من المناطق.

مؤخراً، بدأت المعطيات الجوية تشير إلى احتمال توجه معامل تذبذب القطب الشمالي نحو الطور الحيادي او الإيجابي الخفيف ، مما يعني انخفاض الضغط الجوي فوق الدوامة القطبية الشمالية وتركيز الكتل الهوائية الباردة في المناطق الشمالية اي ” انقلاب كبير في المنظومة الجوية “. هذا التغيير سيسهم في تشكل مرتفعات جوية تغطي أجزاء هامة من النصف الشمالي للكرة الأرضية، كما ذكرنا سابقاً. ستعمل هذه المرتفعات الجوية كدَفَّة قيادة وتوجيه للكتل الهوائية الباردة، التي ستنزلق بشكل مركز من القطب الشمالي نحو العروض الوسطى وبعض العروض الدنيا، مما يؤدي إلى حدوث ما يُعرف بـ “النزول القطبي المباشر”.

يحدد موقع النزول القطبي المباشر عدة عوامل رئيسية، أبرزها موقع البداية للنزول القطبي من القطب الشمالي، بالإضافة إلى العواصف القطبية المحيطة به والمرتفعات الجوية التي تقع حوله. ومن هذا المنطلق، بدأت نماذج الطقس تيشير إلى احتمالية تعاظم المرتفع الجوي الأوزوري في المحيط الأطلسي بشكل كبير وملحوظ، ليغطي أجزاء هامة وواسعة من غرب القارة الأوروبية بدءاً من الاسبوع الاول من شهر ديسمبر كما نلاحظ :


سيعمل المرتفع الجوي الأوزوري كدَفَّة توجيه وحائط صد أمام الكتل الهوائية والنزولات الباردة التي قد تحاول التوجه نحو غرب أوروبا. نتيجة لذلك، سيوجه هذا المرتفع الكتل الباردة نحو شرق ووسط أوروبا، ومن ثم نحو البحر الأبيض المتوسط، حيث ستتأثر بها بعض المناطق على فترات . والتي تشمل بلاد الشام، مصر، العراق، وشمال السعودية  إضافة إلى ليبيا وبقية دول المغرب العربي في حال التفاف الكتل الهوائية الباردة أسفل المرتفع الجوي.

يسمح هذا النوع من نظام الضغوط الجوية بتركيز البرودة في الكتل الهوائية الباردة، مما يزيد من فرص وصولها إلى العروض الوسطى والدنيا نتيجة للاندفاع القوي للرياح القطبية. بناءً على ذلك، من المتوقع أن تزداد فرص نشوء نزولات باردة ومنخفضات جوية في معظم المناطق المطلة والقريبة من البحر الأبيض المتوسط خلال النصف الأول من شهر ديسمبر بما فيها دولنا العربية، وذلك على فترات.

تجدر الاشارة الى اننا بدئنا في رصد حالات جوية قد تؤثر على المنطقة , وسنتطرق الى تفاصيلها في تقارير مقبلة.
والله اعلى واعلم
المهندس احمد العربيد
المركز العربي للمناخ

شارك: